IDSC logo
مجلس الوزراء
مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار

الاستثمار في البنية التحتية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

 الأربعاء. 28 يوليه., 2021

الاستثمار في البنية التحتية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

 د. ريهام أحمد

لقد تمكّن "كوفيد - 19" من السيطرة على العالم أجمع بطريقة لم يشهدها سوى القلّة منا في حياته، حيث تم إغلاق المجتمعات، وفرضت الحكومات الحجر المنزلي؛ محاولةً الحد من انتشار الوباء، والآن، وقد بدأنا نخرج شيئًا فشيئًا من مرحلة انتشار الوباء، والحياة بدأت تعود إلى طبيعتها جزئيًّا، وقد تجلت أهمية ودور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحفاظ على الاتصال بين الناس في القطاعات كافة، مما يهيّئ لإنشاء مجتمعات مستقبلية مستدامة في جميع أنحاء العالم.

لقد تمكّن "كوفيد - 19" من السيطرة على العالم أجمع بطريقة لم يشهدها سوى القلّة منا في حياته، حيث تم إغلاق المجتمعات، وفرضت الحكومات الحجر المنزلي؛ محاولةً الحد من انتشار الوباء، والآن، وقد بدأنا نخرج شيئًا فشيئًا من مرحلة انتشار الوباء، والحياة بدأت تعود إلى طبيعتها جزئيًّا، وقد تجلت أهمية ودور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الحفاظ على الاتصال بين الناس في القطاعات كافة، مما يهيّئ لإنشاء مجتمعات مستقبلية مستدامة في جميع أنحاء العالم.
 
وخلال هذه الفترة، كان على الشركات والمؤسسات إيجاد طريقة ما للحفاظ على التواصل على مدار الساعة، حيث نجد أن الذين تمكنوا من الحفاظ على استمرارية العمل في هذه الظروف غير الاعتيادية هم من كانوا يتمتعون ببنًى تحتية قوية سمحت بالانتقال للعمل عن بُعد، وتقليص وقت التوقف عن العمل ودعم الإنتاجية، حيث استطاعت الدول التي تمتلك بعضًا من البنى التحتية المتقدمة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات التسريع من تنفيذ مبادرات الرقمنة والتكيّف بشكل أسرع مع هذه الظروف.
 
وفي مصر يلعب قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات دورًا أساسيًّا في تسريع عجلة النمو الاقتصادي بما يُوفّره من وسائل معرفة ومعلومات حديثة تكون مُحفّزة للاستثمار وداعمة للقرارات الاقتصادية والاجتماعية، ونجد أن هذا القطاع وفعاليته تستند إلى 4 ركائز أساسية، يتعلق أوّلها بتطوير نُظُم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وثانيها بتعميق الصناعة التكنولوجية، أي بناء صناعة قوية تعتمد على التقنيّات الحديثة، وثالثها بناء أجيال من الشباب قادرة على اكتساب المعارف والتعامل والتكيّف مع تقنيّات العصر الحديث وتطويعها لأغراض التنمية المُستدامة، ورابعها تنمية القدرة التصديرية للقطاع من خدمات ومُنتجات إلكترونية والاستشارات المعنيّة بتقنية المعلومات.
 
حقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال عام 2019/2020 ناتجًا محليًّا يقدر بنحو 108 مليارات جنيه مقابل نحو 93.5 مليار جنيه في عام 2018/2019، وذلك بمعدل نمو بلغ نحو 15.2٪ خلال عام 2019/2020، ليكون بذلك أعلى قطاعات الدولة نموًا رغم جائحة كورونا.
 
وبلغت نسبة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للدولة نحو 4.4٪ خلال عام 2019/2020 مقابل 3.8٪ في عام 2018/2019، وقدّر حجم صادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات لعام 2020 بنحو 4.1 مليارات دولار مقابل 3.6 مليارات دولار لعام 2019 بزيادة 13٪، وجرى تأسيس 1336 شركة جديدة خلال العام المالي 2019/2020، بحيث بلغت رؤوس أموال الشركات الجديدة 1.34 مليار جنيه خلال العام المالي 2019/2020.
 
كما بلغ متوسط قيمة مؤشر قطاع الاتصالات والإعلام وتكنولوجيا المعلومات في البورصة المصرية في الفترة من (يناير – نوفمبر) من عام 2020، نحو 1040 نقطة مقارنة بـ 954 نقطة خلال الفترة نفسها من عام 2019.
 
ووفقًا لما ذكرته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، فإن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات قد حقق إنجازات كبيرة منذ تبنيه للـمشروع القومي للنهضة التكنولوجية لتسريع انتقال مصر إلى مُجتمع الـمعلومات؛ مما أسفر عن تزايُد مُطرد في مساهمته في النمو الاقتصادي ليصل إلى نحو 12٪، وتقدر استثمارات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا الـمعلومات بنحو 31.6 مليار جنيه في خطة عام 20/2021، بنسبة 4.3٪ من إجمالي استثمارات الخطة.
 
ونظرا لأن الاستثمار في البنية التحتية يسهم بالتأكيد في تحقيق العلامة الفارقة بين الدول، نجد أن الدول المتقدمة استطاعت أن تتقدم على سلم دول العالم من خلال البنية التحتية المتقدمة التي أدت إلى تقديم خدمات متقدمة ومشروعات مميزة وصناعات فريدة في دائرة العمل الاقتصادي والاستثماري المدعومة بالعامل البشري المؤهل، كما أسهم في ارتقاء هذه الدول وانعكس كل ذلك على المستوى المعيشي للمواطن وتحسين ظروف الحياة الاجتماعية؛ فمتطلبات المعادلة تقتضي المساواة في الحقوق والواجبات والمساواة بين العمل الجاد والمخلص من قبل المواطن والبنية التحتية القوية والاستثمارات النوعية.
 
لذا شهد العقد الأخير ثورة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) في مصر، بعد إدراك حقيقة أنه لا يمكن لأي بلد تحقيق التنمية المستدامة وإحراز التقدم دون وجود قوي لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومن ثم فقد تمت صياغة استراتيجية تكنولوجيا المعلومات 2030، وهي المرة الأولى التي يكون لمصر خطة طويلة المدى تحدد بوضوح المقصد الذي تصبو إليه السياسات العامة المطبقة، بحيث يمكن قياس نسبة إدراك الهدف بنهاية الخطة، وقد شملت تلك الرؤية أهدافًا لتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتعزيز الشمول الرقمي، والانتقال إلى اقتصاد المعرفة، وبناء القدرات التكنولوجية وتشجيع الابتكار، وترتكز مشروعتها على توافر بنية تحتية معلوماتية مطورة.
 
هذا فضلًا عن مكافحة الفساد وتعزيز وضمان الأمن السيبراني، وتعزيز مكانة مصر على المستويين الإقليمي والدولي، ومن ثم، فقد هدف مشروع مصر الرقمية كرؤية وخطة إلى تحويل مصر لمجتمع رقمي متكامل، وقد بني ذلك المشروع بالاعتماد على ثلاثة محاور رئيسة: التحول الرقمي والمهارات الرقمية، والوظائف، والابتكار الرقمي، وتقوم تلك الركائز على قاعدتين مهمتين: البنية التحتية الفنية والبنية التحتية الإدارية والتشريعية التي تمهد الطريق لتلك التغيرات.
 
ويتطلب تنفيذ هذه الاستراتيجية، وتنفيذ مشروعات التحول الرقمي إلى بنية تحتية مؤمنة وذات كفاءة عالية، لذا تم تنفيذ مشروع لتطوير البنية التحتية، تم البدء في المرحلة الأولى منه في عام 2019 باستثمار بلغ مليار و600 مليون دولار، كما تم البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من هذا المشروع في النصف الثاني من عام 2020 بتكلفة تزيد على 300 مليون دولار، مما ساهم في استيعاب التزايد في استخدام الإنترنت خلال الفترة الأخيرة.
 
البنية الفنية التحتية:
 
ولقد شهدت مصر تطورًا ملحوظًا في قطاع البنية التحتية الخاصة بالاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فعلى مستوى خدمات الهاتف المحمول ارتفعت نسبة المشتركين الذين يحصلون على تلك الخدمات من 85.44٪ (70.66 مليون مستخدم من إجمالي السكان البالغ 82.7 مليون نسمة) في عام 2010 إلى 93.65٪ (عددهم 95.36 مليون مستخدم من عدد سكان مصر البالغ 101 مليون نسمة في ديسمبر2020).
 
ومع ارتفاع الطلب على خدمات الإنترنت، ارتفع عدد المستفيدين من خدمات الإنترنت باستخدام الموبايل من (39 مليون مستخدم) في ديسمبر 2019 إلى (52.4 مليون مستخدم) في ديسمبر 2020، أما من حيث عدد مستخدمي الإنترنت باستخدام USB Modem، فقد ارتفع عدد المستخدمين من 3.6 ملايين مستخدم في ديسمبر 2019 إلى 4.04 ملايين مستخدم في ديسمبر 2020، لتبلغ كثافة الإنترنت 57.3٪ وفقا لنتائج مسح استخدامات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للأسر والأفراد لعام 2019/2020.
 
أما عن عدد مشتركي خدمات الإنترنت فائق السرعة ADSL فقد ارتفع من 7.3 ملايين مشترك في ديسمبر 2019 إلى 8.81 ملايين مشترك في ديسمبر 2020 بمعدل نمو سنوي 20.78٪، وقد ارتفع متوسط سرعة الإنترنت في مصر إلى 18 ميجابت\ثانية، وجار العمل للوصول إلى 30 ميجابت\ثانية.
 
وبالنسبة للهاتف الثابت نجد أن إجمالي سعة السنترالات قد انخفض من 25.22 مليون خط إلى 24.82 مليون خط بمعدل نمو سنوي - 1.59٪، بينما ازداد عدد مشتركو الإنترنت من 8.76 ملايين مشترك في ديسمبر 2020 إلى 9.85 ملايين مشترك بمعدل نمو سنوي يبلغ 12.45٪
 
وتعمل وزارة الاتصالات على تحسين خدمات الهاتف المحمول المقدمة للمواطنين من خلال تسريع إصدار تراخيص بناء الأبراج لشركات المحمول، علاوة على طرح ترددات جديدة تزيد من فعالية الشبكة وجودة خدمات الاتصالات المقدمة، كما تعمل على إنشاء شبكة جديدة من كابلات الألياف الضوئية لربط 32500 مبنى حكومي في جميع أنحاء البلاد، وكذلك لربط المدارس في جميع أنحاء البلاد ضمن شبكة الألياف الضوئية لتعزيز سرعة الإنترنت وتقديم خدمات أكثر مرونة.
 
وقامت الشركة المصرية للاتصالات خلال العامين الأخيرين بضخ استثمارات تقدر بنحو 30 مليار جنيه لتطوير شبكات الاتصالات والاعتماد على الألياف الضوئية كأحدث التقنيات في هذا المجال، وهو الأمر الذي ساهم في رفع كفاءة الإنترنت وتضاعف متوسط سرعات الإنترنت إلى 6 أضعاف في مارس 2020، وفقًا لمؤشر Ookla Speedtest العالمي لقياس سرعات الإنترنت لتحتل مصر المركز الثاني على مستوى إفريقيا في متوسط سرعات الإنترنت.
 
هذا، وقد تم إعلان اتفاق بين شركة بنية كابيتال والهيئة العربية للتصنيع في مايو 2020 لإنشاء أكبر مصنع لكابلات الألياف الضوئية في مصر والمنطقة العربية والإفريقية، بحجم استثمارات يتعدى المليار جنيه بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
 
كما شهدت السنوات العشر الماضية أيضًا إطلاق خدمات الجيل الرابع رسميًّا في مصر في سبتمبر 2017، لتنضم مصر بذلك إلى مصاف الدول المقدمة لتلك الخدمات، والتي تتميز بسرعة نقل البيانات وإتاحة خدمات بث الصور والإرسال والاستقبال المرئي دون الحاجة إلى تخزين البيانات، فضلا عن إتاحة إمكانية تقديم خدمات متطورة مثل الحوسبة السحابية، هذا فضلا عن زيادة عدد وحدات التجميع الذكية لتحسين جودة خدمات الاتصالات في جميع أنحاء الجمهورية مع التركيز بشكل خاص على المدن الذكية، وهو الأمر الذي رفع مؤشر مصر في التقارير الدولية.
 
وتجري الآن مفاوضات بين شركات الاتصالات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بشأن تشغيل شبكات الجيل الخامس بالعاصمة الإدارية الجديدة.
 
وتماشيا مع الطلب على خدمات التليفون المحمول، قام الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بطرح وتخصيص نطاقات ترددية جديدة بعرض 2×40 ميجاهرتز في الحيز الترددي 2600 بتقنية الـ TDD للشركات المرخص لها بتقديم خدمات التليفون المحمول في مصر، وبلغت قيمة عملية الطرح مبلغًا قدره 1.17 مليار دولار أمريكي لكامل النطاقات 40×2 ميجاهرتز في الحيز الترددي 2600.
 
أما من جانب مشروعات البنية التحتية الخاصة بالمدن، فقد تم إنشاء العديد من مدن الجيل الثالث، مثل: أسيوط الجديدة، وقنا الجديدة، وسوهاج الجديدة، ومدينة الفيوم الجديدة، ومدينة القاهرة الجديدة، والتي توفر حياة كريمة للمواطنين مدعمة بالبنية التحتية لخدمات الاتصالات.
 
هذا بالإضافة إلى البدء في تنفيذ مدن الجيل الرابع أو ما يعرف بالمدن الذكية، حيث شهدت السنوات العشر الماضية طفرة في ذلك المجال، حيث إن تم أعمال الإنشاءات في تلك المدن مستمرة على قدم وساق مثل (مدينة المنصورة الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، ومدينة 6 أكتوبر الجديدة، ومدينة العبور الجديدة، ومدينة بورسعيد الجديدة)، والتي تم إنشاؤها كنموذج لمدن الجيل الرابع التي تتميز بإنترنت فائق السرعة يصل إلى سرعة 100 ميجا / ثانية مع القابلية لزيادة السرعة في المستقبل، بالإضافة إلى قدرة المدن على توفير خدمات الحكومة المحلية عبر الإنترنت ووجود تغطية شاملة لجميع الشوارع باستخدام نظام الكاميرات وأجهزة الاستشعار عن بعد التي ستساعد في تطبيق التكنولوجيا الحديثة مثل البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي. 
 
وفي إطار سعي الحكومة إلى تحسين البنية التحتية لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للقطاع الحكومي أو ما يعرف بخدمات الحكومة الإلكترونية، تم ربط عدد 800 مبنى حكوميًّا في محافظة بورسعيد بشبكة الألياف الضوئية من خلال شركة المصرية للاتصالات، وجارٍ العمل في مشروع يستهدف ربط جميع المباني الحكومية على مستوى الجمهورية بشبكة الألياف الضوئية، بتكلفة تصل إلى 6 مليارات جنيه 
أما عن المجتمع المدني، فقد بدأت وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية في إدراج توصيل الكابلات الضوئية للمنازل والمباني الجديدة ضمن مواصفات البناء على مستوى الجمهورية، من خلال تحديث الكود المصري للبناء ليتضمن كود شبكات الاتصالات، والذي يتضمن جزءا يخص البنية التحتية الخاصة بتقديم الاتصالات، ولضمان تحسين خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فقد تم افتتاح المركز القومي لمراقبة جودة الاتصالات ليكون جهة تابعة لجهاز تنظيم الاتصالات، بهدف تقييم خدمات الاتصالات في مصر وتحسين الشفافية من خلال إصدار تقارير شهرية عن نتائج تلك التقييمات.
 
وتأتي العاصمة الإدارية الجديدة كأهم مدينة ذكية في مصر، كما توجت بلقب العاصمة الرقمية الأولى عربيًّا لسنة 2021، من قبل مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات، في دورته العادية (24) (ديسمبر: 2020)، حيث تدار المرافق بها بأنظمة الاتصالات الحديثة، وبها عدة مشروعات مهمة، منها مدينة المعرفة، وأول جامعة متخصصة في الاتصالات وتكنولوجيا معلومات في إفريقيا والشرق الأوسط، فضلا عن مركزي أبحاث متخصصين في مجال تكنولوجيا المعلومات.
 
ولهذا الاختيار فوائد اقتصادية عديدة، حيث يؤدي إلى الترويج للعاصمة الجديدة، وجذب المستثمرين الجدد، سواء المحليين أو الأجانب، وهو ما ينعكس على زيادة الاستثمارات المتنوعة، سواء بالتشييد والبناء أو على مستوى القطاعات الأخرى المرتبطة بالصناعة أو الزراعة، ويؤكد ذلك أن دور العاصمة الجديدة لا يقتصر على كونها مكانا جديدا لنقل الهيئات، لكنها تعمل على تغيير شكل الخدمات الحكومية كليًّا، وتقديمها للمواطنين والمستثمرين بطرق حديثة.
 
وفي مجال الذكاء الاصطناعي، فقد تقدم ترتيب مصر في مؤشر "جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي" الصادر عن مؤسسة "أكسفورد إنسايت" ومركز أبحاث التنمية الدولية 55 مركزا لتصبح في المركز الـ56 عالميا بين 172 دولة، مقارنة بالمركز الـ111 بين 194 دولة في عام 2019،كما تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي تحت شعار "الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية والازدهار"؛ حيث تهدف الاستراتيجية إلى الاستفادة من هذه التكنولوجيا في تحقيق أهداف مصر التنموية ودفع عجلة النمو الاقتصادي، هذا، وتترأس مصر فريق العمل العربي للذكاء الاصطناعي الذي أُنشئ بقرار من مجلس الوزراء العرب للاتصالات والمعلومات في عام 2019، ويعكف هذا الفريق على وضع استراتيجية عربية للذكاء الاصطناعي.
 
وفي مجال الاستثمار في بناء القدرات، اهتمت الدولة المصرية ببناء الإنسان كأحد المحاور الأساسية في خطة مصر الرقمية، وأطلقت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عددا من المبادرات والمشروعات التي تستهدف بناء وتنمية قدرات الشباب المصري، والتي تهدف إلى توفير فرص تدريبية للشباب لتأهيلهم لدخول سوق العمل المحلية والدولية، مما يسهم في بناء قاعدة من الكفاءات في تخصصات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبناء مجتمع رقمي قائم على العلوم والتكنولوجيا، ومن أهم هذه المبادرات:
 
مبادرة بناة مصر الرقمية، وقد أطلقت هذه المبادرة في سبتمبر 2020.
 
منحة "تمكين الشباب للعمل المهني الحر"، بهدف تدريب 20 ألف شاب وشابة على مستوى الجمهورية على مهارات العمل الحر عبر المنصات الإلكترونية.
 
تنمية وبناء القدرات الرقمية للعاملين بالجهاز الإداري للدولة، بهدف تنمية وبناء القدرات الرقمية للعاملين بالجهاز الإداري للدولة (سواء المنتقلين للعاصمة الإدارية الجديدة، أو غير المنتقلين).
 
مبادرة بكرة ديجيتال، وهي مبادرة قومية لتنمية القدرات الرقمية لشباب المحافظات.
 
هذا بالإضافة إلى تقديم عدد من البرامج للشباب والشركات الناشئة التي تم تنفيذها من خلال هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، ومركز الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال لدعم الأفكار الخلاقة للشباب للوصول بها إلى منتجات ذات قيمة مضافة وتأسيس المزيد من الشركات الناشئة، وفي إطار استراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الخاصة بتعزيز دور تكنولوجيا المعلومات بصورة فعالة ومستدامة في التنمية المجتمعية، تم إطلاق مشروع "نوادي تكنولوجيا المعلومات في التنمية المجتمعية"، حيث تم إنشاء 77 ناديًا.
 
لم تكن تلك المبادرات هي الوحيدة التي أطلقتها وزارة الاتصالات، حيث تم إطلاق مبادرة "وظيفة تك" تحت شعار "تعلم الآن.. وادفع غدًا"، والتي تهدف إلى توفير تدريب متميز لتأهيل الشباب للحصول على فرص عمل من خلال توفير تدريب متخصص من جانب شركات التكنولوجيا المتخصصة.
 
كذلك يعد الأمن السيبراني عنصرا أساسيا لبناء مصر الرقمية، ولا تكتمل جهود الدولة لتطوير البنية التحتية للاتصالات ورفع كفاءة الإنترنت إلا بتأمين البيانات، ووضع منظومة وطنية لحماية أمن الفضاء السيبراني، وبناء القدرات الوطنية المتخصصة في هذا المجال من خلال الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني.
 
ومن الجدير بالذكر أنه قد تم تشكيل المركز الوطني للاستعداد لطوارئ الحاسبات والشبكات (EG - CERT) بالجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في أبريل 2009، ويتم العمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، حيث يقدم المركز الدعم اللازم لحماية البنية التحتية القومية للمعلومات المهمة، خاصة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقطاع المالي، ويضم فريق العمل حاليًا متخصصين على أعلى مستوى يقومون على مدار الساعة بمراقبة الأمن السيبراني والاستجابة للحوادث وتحليل معامل الطب الشرعي الرقمي وتحليل البرمجيات الخبيثة والهندسة العكسية، ويتمثل الهدف الرئيس للمركز في تعزيز أمن البنية التحتية المصرية للاتصالات والمعلومات من خلال اتخاذ إجراءات استباقية، وجمع وتحليل المعلومات الخاصة بالحوادث الأمنية، والتنسيق والوساطة بين الأطراف المعنية في حل تلك الحوادث الأمنية والتعاون الدولي مع غيرها من فرق الاستجابة لطوارئ الحاسبات والشبكات في الدول الأخرى، ويقدم هذا الفريق مجموعة من الخدمات، منها:
 
الخدمات الاستباقية: تغطي هذه الخدمات الاختبارات اللازمة للكشف عن أي هجمات إلكترونية، والإجراءات الاستباقية التي تتطلب اتخاذ جميع التدابير الممكنة لمواجهة أي حوادث أو جرائم تهدد البنية التحتية للمعلومات المصرية.
 
الخدمات التفاعلية: وتشمل الخدمات التفاعلية اتخاذ الإجراءات المناسبة وتقديم الدعم اللازم للعديد من القطاعات، للتصدي للتهديدات الموجهة للأمن السيبراني وأي هجمات إلكترونية، والتخفيف من آثارها وأضرارها من خلال تحليل كامل للبيانات، والعمل في شراكة مع المهنيين في جميع الهيئات والكيانات المستهدفة والمعرضة لمخاطر تهدد أمنها السيبراني، وإذا لزم الأمر، يتم العمل مع مجتمع الأمن السيبراني على المستوى المحلي والدولي.
 
خدمات التحليل الجنائي الرقمي (الطب الشرعي الرقمي): تشمل خدمات التحقيق الجنائي الرقمي والتحقيقات السيبرانية وفحص الجرائم ذات الصلة بالحاسب الآلي وإعداد التقارير الفنية لمراجعي ومدققي الحسابات ومحققي الجرائم وأعضاء النيابة العامة.
 
برنامج رفع التوعية الأمنية الإلكترونية: تم تصميم برنامج التوعية الأمنية الإلكترونية لنشر وتعزيز الوعي بمختلف أنواع التهديدات السيبرانية وتركيز الانتباه على الأمن؛ مما يجعل المستخدم العادي قادرًا على استشعار التهديدات المختلفة والسلوكيات الضارة؛ مما يؤدي إلى تحسين مستوى الأمن السيبراني في مصر، وتشمل البرامج التدريبية والندوات المهنية والدورات وورش العمل التي تقام على المستويين المحلي والدولي.
 
البنية التحتية الإدارية والتشريعية
 
في ظل التحول الرقمي الذي تشهده الدولة، وتشجيع الهيئات والمؤسسات والمواطنين على التحول إلى الاقتصاد الرقمي، كان لا بد من توفير بيئة تحتية تمكينية وتشريعية لبناء الثقة بين المواطن والخدمات الرقمية، لذا فقد صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على القانون رقم 151 لسنة 2020 بإصدار قانون حماية البيانات الشخصية بعد موافقة البرلمان عليه بأغلبية الثلثين، وتم نشره في الجريدة الرسمية ويتكون من 49 مادة، وتم التأكد من توافق هذا القانون مع اللائحة الأوروبية لحماية البيانات الشخصية GDPR.
 
كما شاركت مصر بفعالية بالتعاون مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD في صياغة وثيقة التوصيات الخاصة بالذكاء الاصطناعي، والتي تتضمن المبادئ التوجيهية للاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، ومنها بناء القدرات والحوكمة والمسؤولية والإنسانية والشفافية وغيرها من المبادئ المهمة.
 
مما سبق نجد أن جهود مصر في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مكنتها من استعادة مكانتها إقليميًّا وعالميًّا، وقد كان ذلك جليًا في استضافة مصر لعدد من الفعاليات والمؤتمرات العالمية المهمة في هذا القطاع، ومن جانب آخر تم انتخاب مصر لرئاسة اللجنة الفنية المتخصصة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التابعة للاتحاد الإفريقي لمدة عامين، كما تم انتخاب مصر لرئاسة المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العرب للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى فوز مصر بعضوية المجلس الإداري للاتحاد الدولي للاتصالات ممثلًا عن قارة إفريقيا خلال الفترة (2019 – 2022).
 
هذا فضلًا عن الانتهاء من تجهيز معمل الأمم المتحدة الإقليمي في القرية الذكية لرعاية الإبداع التكنولوجي في إفريقيا، والذي تم إطلاقة في 2017 بهدف تنمية مهارات وتعزيز قدرات الباحثين والعاملين بالمجالات التكنولوجية من مختلف أنحاء القارة الإفريقية، بالإضافة إلى تطوير حلول تكنولوجية إبداعية باستخدام برمجيات مفتوحة المصدر والبيانات مفتوحة للتعامل مع التحديات العالمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لخدمة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، يختص ذلك المركز بمجالات إدارة المخلفات والمحافظة على البيئة، وتيسير التعليم لذوي القدرات الفائقة، والوقاية من الأوبئة، والسياحة العلاجية، وترشيد استهلاك المياه في مجال الزراعة.
 
وما زال العمل جاريًا على قدم وساق لتعظيم استفادة مصر من التكنولوجيا الحديثة للدخول في سباق الثورة الصناعية الرابعة، والتي تسمى الثورة المعلوماتية؛ مما يجعل من مصر قبلة للاستثمار في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خاصة أن السوق المصرية يمكنها استيعاب الكثير من الاستثمارات في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نظرًا لعدد سكان مصر والتحول في أنماط الحياة بين المواطنين في الفترة الأخيرة.
 

تقييم الموقع