الإثنين. 31 أكتوبر., 2022
د . أدهم محمد البرماوي
لم تكن أزمة الغذاء بمثل هذه الأهمية في أي وقت سابق، فمع تزامن ثلاث أزمات عالمية وهي: (تغير المناخ، COVID-19، الأزمة الروسية الأوكرانية) أدى كل هذا إلى تصدر أزمة الغذاء المشهد العالمي. فمع وصول أزمة COVID-19 إلى ذروتها في عام 2020، ارتفعت أسعار الأغذية عالميا بنسبة 23% عام 2021 لتضع بذلك نهاية العديد من السنوات التي سادها استقرار الأسعار نسبيًا، ثم أتت بعد ذلك الأزمة الروسية الأوكرانية والتي أدخلت العالم بأسرة في تحديات اقتصادية صعبة، وتتصدر هذه التحديات تحدي الأمن الغذائي، حيث ألقت الحرب بظلالها على ثلاث أسواق رئيسة وهي: سوق الأغذية، وسوق الطاقة، وسوق الأسمدة.
لم تكن أزمة الغذاء بمثل هذه الأهمية في أي وقت سابق، فمع تزامن ثلاث أزمات عالمية وهي: (تغير المناخ، COVID-19، الأزمة الروسية الأوكرانية) أدى كل هذا إلى تصدر أزمة الغذاء المشهد العالمي. فمع وصول أزمة COVID-19 إلى ذروتها في عام 2020، ارتفعت أسعار الأغذية عالميا بنسبة 23% عام 2021 لتضع بذلك نهاية العديد من السنوات التي سادها استقرار الأسعار نسبيًا، ثم أتت بعد ذلك الأزمة الروسية الأوكرانية والتي أدخلت العالم بأسرة في تحديات اقتصادية صعبة، وتتصدر هذه التحديات تحدي الأمن الغذائي، حيث ألقت الحرب بظلالها على ثلاث أسواق رئيسة وهي: سوق الأغذية، وسوق الطاقة، وسوق الأسمدة.
فوفقًا لتقرير منظمة الغذاء العالمية ( (FAOفي 25 مارس 2022، فإن إمدادات روسيا وأوكرانيا من القمح تمثل 14% من الإنتاج العالمي، 10% من إمدادات الشعير العالمي، 4% من إمدادات الذرة وذلك خلال الفترة (2017/2016-2021/2020)، ويعتمد عليهما نحو 50 دولة لتأمين 30% أو أكثر من القمح. في حين أن روسيا الأولى عالميًا في تصدير الأسمدة النتروجينية، والثانية على مستوى أسمدة البوتاسيوم، والثالثة في الأسمدة الفوسفاتية. ومن ذلك يتضح أن تكلفة الغذاء تأثرت بشكل مضاعف نتيجة هذه الأزمة، وذلك من خلال نقص الإنتاج والتصدير، بالإضافة إلى زيادة تكلفة الإنتاج سواء من خلال ارتفاع أسعار الطاقة أو الأسمدة.
كل هذه الأزمات انعكست على مؤشر أسعار الغذاء التي تصدره منظمة الغذاء العالمي، فيلاحظ أنه في عام 2020 سجل 98.1 ليرتفع بعد ذلك إلى 125.3 في يونيو 2021 متأثرًا بأزمة COVID-19 وتعطل سلاسل الأمداد العالمية وارتفاع أسعار الطاقة، ليستمر في الارتفاع ليسجل 133.6 في ديسمبر 2021، لتطل الأزمة الروسية الأوكرانية بظلالها ليرتفع إلى 159.7 في مارس 2022 ثم 158.4 في أبريل 2022 وهو ما يوضحه الشكل التالي.
أولًا: تداعيات الأزمات الراهنة على الأمن الغذائي المصري
تعد كل من أوكرانيا وروسيا الموردين الرئيسين للقمح لمصر، بالإضافة إلى أن مصر تعد المستورد الأكبر للقمح في العالم، حيث تستورد مصر 80% من احتياجاتها من القمح من روسيا وأوكرانيا، ليس القمح فقط ما يسبب أزمة للأمن الغذائي المصري، أيضا تستورد مصر أغلب احتياجاتها من زيوت الطعام من الخارج ومعظمها يتم استيراده من روسيا وأوكرانيا، كل هذا كان سببًا أساسيًا لرفع معدل التضخم في مصر، حيث تجاوز 14% في يونيو 2022. ولمواجهة تلك التداعيات قامت الحكومة المصرية بعدة إجراءات احترازية، على سبيل المثال، زيادة القدرة التخزينية للحبوب من خلال المشروع القومي للصوامع، زيادة المساحة المزروعة من الغلال وبالأخص القمح. زيادة إنتاجية الفدان من القمح ليصبح متوسط إنتاج الفدان من 18 إلى 20 أردبًا. كل هذه الإجراءات لم تحرز تقدما ملحوظًا طالما لم تتم مجابهة هدر الغذاء.
لا يعتبر هدر الغذاء ظاهرة محلية فقط، ولكنه أيضا ظاهرة عالمية، فتعرفه منظمة الغذاء العالمي بأنه " النقص الذي يحدث لكميات الأغذية المعدة للاستهلاك البشري، سواء بالفقد أو الهدر عبر السلسلة الغذائية بأكملها، من الإنتاج الأولي وحتى الاستهلاك النهائي"
ثانيًا: أسباب انعدام الأمن الغذائي:
فعلى الصعيد العالمي، ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، يهدر العالم 1.3 مليار طن من الغذاء كل عام، في حين أظهر تقرير نشر في يوليو 2021 من قبل منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية أن عُشر سكان العالم –ما يتراوح بين 720 - 811 مليون نسمة– عانوا من نقص التغذية في عام 2020 بزيادة 118 مليون نسمة عن عام 2019. في حين ارتفعت مستويات الجوع الحاد – أي الأفراد غير القادرين على تلبية احتياجاتهم من الغذاء على المدى القصير- بنحو 40 مليون فرد عام 2021، في حين نحو 139 مليون فرد في 24 دولة حول العالم واجه مشكلات ترقى إلى مستوى أزمة الغذاء في نفس العام.
وتؤكد بيانات برنامج الأمن الغذائي التابع للأمم المتحدة أن عدد الأفراد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ارتفع من 155 مليون فرد في عام 2020، إلى ما يقرب من 193 مليون فرد في عام 2021 وذلك في 53 دولة.
ووفقًا للدراسة التي قام بها برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة فإن أسباب انعدام الأمن الغذائي الحاد تنقسم إلى ثلاثة أسباب أساسية هي: أولا، التغيرات المناخية ( الظواهر الجوية المتطرفة)، فوفقًا للدراسة فإن التغيرات المناخية هي المتسببة لـ 23.5 مليون فرد، ثانيًا: الصدمات الاقتصادية COVID-19، فوفقًا للدراسة أيضًا فإن الصدمات الاقتصادية هي المتسببة لـ 30.2 مليون فرد، ثالثًا: الصراع وانعدام الأمن ويعود هذا السبب إلى أن 139.1 مليون فرد يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد وذلك في عام 2021.
وعلى مستوى الأشخاص الذين يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء يتضح من الشكل التالي أنه تشير التقديرات إلى أن هناك 869 مليون فرد يعانون من نقص التغذية.
يتضح أن هدر الطعام في مصر يمثل تحديًا آخر أمام الحكومة المصرية لضمان الأمن الغذائي المصري، ولا سيما في ظل الأزمات العالمية الراهنة سواء من التداعيات الاقتصادية لـ COVID-19 أو التحديات التي خلقتها الأزمة الروسية الأوكرانية .
لذلك، يجب على صانعي السياسة انتهاج سياسات يكون من شأنها معالجة المشكلة، والحفاظ على الإمدادات الغذائية بأفضل طرق، وذلك من خلال:
§ رفع قدرة المزارعين على التحمل والمقاومة من خلال تحسين مهارات الوقاية وإدارة الأزمات.
§ الحد من الفاقد والمهدر من الأغذية طوال سلسلة الإنتاج الغذائي.
§ الاعتماد على الأدوات التكنولوجية المتقدمة.
§ زيادة دور المجتمع المدني في توفير الأمن الغذائي.