الأحد. 29 يناير., 2023
أ. د. عبد المنعم سعيد
لماذا نبحث عن مستقبل النظام الدولي؟ فـي كل منعطف يمر بالحياة البشرية، وسواء أكان صراعًا أو أزمة أو اكتشافًا، أو متغيرًا جذريًّا من أي نوع، بحيث يطرح التوقع الأولي للعالم أنه لن يصير بعد ذلك كما كان من قبل؛ فإن السؤال الذي يطرحه كل المهتمين بالمستقبل يكون حول كيف سيكون حال النظام الدولي؟ النظام أولًا هو عبارة عن مجموعة من المتغيرات التي تتفاعل مع بعضها بشكل نمطي متكرر، بحيث يمكن مراقبته وملاحظته والتعرف على مدخلاته ومخرجاته. وعندما يكون «النظام» مرتبطًا بالدول فإنه غالبا ما يتسم بالفوضوية، أي أنه نظام سياسي دون حكومة ودون قواعد مستقرة وقيم راسخة. وتحدث هذه الفوضى العالمية لأن كل الدول تتصرف حسب مصلحتها الذاتية، وليس من منطلقات أخلاقية. وباختصار فإن الجزء الأهم في تعريف أي نظام هو توزيع القدرات العسكرية والاقتصادية بين الوحدات المشكِّلة له. وهو الأمر المحدِّد لعلاقات الدول مع بعضها، خاصة تلك القوى الدولية التي يتعدى تأثيرها حدود دولتها إلى بقية دول العالم، وهذه تعرف بالأقطاب، ومنها يستمد شكل النظام الكلي ويتحدد ما إذا كان ذا قطب واحد مهيمن أو قطبين متنافسين أو متعدد الأقطاب، بحيث يسود بينها تحالفات وتحالفات مضادة. وتكون النظرة لهذه الأشكال من «النظام الدولي» على أساس من تبيُّن أنماط الصراع والتعاون، ومدى الاعتماد المتبادل، ودور التكنولوجيا وعلاقتها بالوفرة والندرة، ومدى التأثير الذي تقوم به الفواعل من غير الدول داخل النظام.