الثلاثاء. 01 يونيو., 2010 : الجمعة. 01 يوليه., 2011
يدور الكثير من الجدل حول اتصال المخاطر، فغالبا ما يشكو الجمهور أن استجابة المسؤولين في الحكومة للمعلومات عن المخاطر غالبا ما تكون غير منطقية وأن المسؤولين لا يدركون المخاطر بدقة وبالتالي لا يُقيِّمون المعلومات عن المخاطر تقييما صحيحا. بالإضافة إلى ذلك فإن الجمهور كثيرا ما يتساءل عن مدى مشروعية تقييم المخاطر أو عملية إدارة المخاطر، فالجمهور غالبا ما ينتقد مسؤولي الحكومة بأنهم غير مهتمين بسلامة الجمهور، ويتخاذلون في اتخاذ الإجراءات التي تُحِدّ من هذه المخاطر، وغالبا ما يتم التعبير عن هذه المواقف من خلال رسائل غير مكتملة أو غير مترابطة عن المخاطر من جانب المسؤولين، ويقابلها تشكيك في صحة المعلومات من جانب الجمهور، وانتقاء متعمد لبعض المعلومات من جانب وسائل الإعلام، وعوامل أخرى نفسية تؤثر في كيفية فهم الجمهور للمعلومات عن المخاطر.
وتُعدّ مرحلة الحدّ من مخاطر الأزمة/ الكارثة من المراحل الحيوية والأساسية لنجاح إجراءات التعامل مع الأزمة/ الكارثة ودرء أخطارها، وتتطلَّب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية، ومن أهمها توعية المواطنين، حيث يعتمد نجاح التخطيط لإدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها على تكامل جهود مختلف الأطراف والجهات المعنية، بما في ذلك سلوكيات المواطنين تجاه الأزمة، والتي من شأنها أن تُحِدّ أو تزيد من تفاقم الأزمة، حيث من المهم العمل على رفع مستوى المعرفة لدى الفئات المختلفة للمجتمع المُعرَّضة لمخاطر الأزمات والكوارث، والتعرُّف على مدى إلمام أفراد هذا المجتمع بالمعلومات والحقائق السليمة حول هذه المخاطر، وكيفية الوقاية منها، والتعامل معها، والتعرُّف على مدى وعي المجتمع بخطورة الأزمة أو الكارثة المحتملة، وطبيعة السلوكيات المُتبَّعة للوقاية من أسباب حدوث هذه الأزمة أو الكارثة، ومدى فعالية هذه السلوكيات فى الحدّ من مخاطرها.
ويُعدّ تغيير السلوك بشكل إيجابي أمرا هاما للغاية، لكنه ليس سهلا على الإطلاق، خاصة إذا كانت هذه السلوكيات جزءا من العادات والتقاليد المترسخة في المجتمع، وبالتالي لابد أن يعتمد تغيير السلوكيات - أولا - على فهم صحيح لطبيعة تلك السلوكيات، ثم إدراك لأسبابها الحقيقية، وإعداد برنامج متخصص لتوعية الجمهور المستهدف، على أن يتسم هذا البرنامج بالاستمرارية ووضع آليات محددة للمتابعة والتقييم، وقياس مدى تأثير الأدوات المستخدمة في تحقيق أهداف التغيير المنشودة.
ويتطلب تحقيق الاتصال/ التواصل الفعَّال مع المواطنين ضرورة تحديد الأدوات المناسبة للاتصال مع الجمهور المستهدف، بما في ذلك التوقيت المناسب لتحقيق هذا الاتصال ومضمون الرسائل الموجهة إليه ومراعاة التوافق والتناسق بين مضمون هذه الرسائل وطبيعة الجمهور المستهدف سواء من حيث الفئة العمرية، المستوى التعليمي والثقافي، المستوى المعيشي/ الاقتصادي، طبيعة العادات والتقاليد السائدة ...الخ.
وإذا كانت الأزمات والكوارث تحدث في كل زمان ومكان؛ فإن العالم المعاصر - بعد أن أصبح وحدة متقاربة سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا - بات أيّ من كياناته عرضة لأزمات تؤثر في مجتمعاته تأثيرات متفاوتة. ولذلك أصبح استخدام المناهج العلمية في مواجهة الأزمات ضرورة ملحَّة؛ ليس لتحقيق نتائج إيجابية من التعامل معها وإنما أيضا لتجنّب نتائجها المدمرة.
ولا يمكن تحقيق منظومة متكاملة ناجحة وفعالة في مجال إدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها إلا من خلال تكامل السلوك الإنساني واعتماده على بعضه البعض، مثلما يعتمد الجسم على التكامل بين كافة أعضائه.
ويمكن اعتبار انفعالات الجمهور المتمثلة في الخوف والقلق وعدم الثقة أو الغضب أو الشعور بالإحباط وغيرها من الانفعالات التي تصاحب الأزمات والكوارث أو ترتبط بعملية الاستعداد للكوارث من أهم عوائق الاتصال الفعال ونقل المعلومات إلى الجمهور ورفع الوعي المجتمعي، وعلينا أن نسأل أنفسنا - مع كل أزمة - عددا من الأسئلة مثل:
1) متى حدثت الأزمة، ومتى علمنا بها، ومتى تطورت أبعادها؟
2) من سبب الأزمة؟ من المستفيد منها؟ من المتضرر منها؟ من المؤيد لها؟ من المعارض؟ ومن الذى يستطيع أن يوقفها؟
3) كيف بدأت الأزمة؟ كيف تطورت؟ كيف علمنا بها؟ كيف نتعامل معها؟
4) لماذا ظهرت الأزمة (أسبابها)؟ لماذا استفحلت؟ لماذا نهدف إلى مواجهتها والقضاء عليها؟
5) أين مركز الأزمة؟ إلى اين ستمضى؟ أين مكمن الخطر في الأزمة وإلى أين يتجه؟
هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات، ومن خلال هذه الإجابات نضع السيناريو المناسب للتعامل مع الأزمة والسيناريو يجب أن يضع فى الاعتبار الأبعاد التالية:
• البُعد المعرفى: بما يتضمنه من استخدام للذاكرة والإدراك (الوعي) والخيال.
• البُعد الوجداني: خاصة الدوافع المُحرِّكة للأزمة والدوافع المؤدية إلى توقفها.
• البُعد الاجتماعى: المتعلق بالمجتمع وكل ما يمكن أن يؤثر في الأزمة أو يتأثر بها.
وانطلاقا من حرص الحكومة المصرية على تحقيق منظومة متكاملة وفعَّالة في مجال إدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها، فقد كلَّف السيد رئيس مجلس الوزراء قطاع إدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بإعداد تصور تنفيذي لكيفية رفع الوعي المجتمعي في مجال مواجهة الأزمات والكوارث والحدّ من مخاطرها.
وبناءً على ذلك فقد تمَّ إعداد الإستراتيجية القومية لرفع الوعي المجتمعي في مجال الحدّ من المخاطر ومواجهة الأزمات والكوارث، وذلك في إطار التعاون المثمر بين مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء المصري، والعديد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، حيث يأتي هذا التعاون في إطار مهام اليونيسف التي تختص بحماية المرأة والطفل كأكثر الفئات المعرَّضة للأخطار، خاصة أثناء الأزمات والكوارث.
وتُعنِى الإستراتيجية القومية لرفع الوعي المجتمعي في مجال الحدّ من المخاطر ومواجهة الأزمات والكوارث بالمكون الإتصالى الخاص برفع الوعي المجتمعي تجاه مواجهة الكوارث والحدّ من مخاطرها، وتُركِّز الرسائل داخل هذه الإستراتيجية على الحد من المخاطر في مجال ثلاثة أنواع من الكوارث، هي: الزلازل، والحرائق، ومواجهة الأمراض والأوبئة. إلا أنه يجدر بالذكر أن هذه الإستراتيجية - في إطارها العام - قابلة للتطبيق على أي نوع من أنواع الكوارث التي تتعرَّض لها مصر، وذلك من المنظور الاتصالي.
وتهدف الإستراتيجية إلى تحقيق عدد من الأهداف، تتمثل في الآتي:
1. رفع درجة الوعي الخاصة بكيفية الاستعداد للأزمات والكوارث ومواجهتها بأقل الخسائر الممكنة من 10% إلى 90%، خلال تسعة أشهر بين مختلف فئات المجتمع المصري.
2. تغيير الاتجاهات الخاصة بالاستعداد للأزمات والكوارث عند كافة أنواع الجمهور المستهدف من الاتجاه السلبي إلى الاتجاه المحايد ثم الإيجابي.
3. تحقيق التغيُّر في سلوك الجمهور قبل وأثناء الأزمة أو الكارثة بنسبة 60%، من خلال عرض السلوكيات الخاطئة وكيفية تصحيحها.
4. بناء وتنسيق العلاقات مع وسائل الإعلام قبل وأثناء وبعد الأزمة/ الكارثة.
5. تحقيق التغيُّر في اتجاهات مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص نحو المشاركة في الاستعداد للأزمات والكوارث من 30% إلى 80% خلال عام، وحفزها على تقديم برامج مشاركة شعبية.
وبعد الانتهاء من إعداد الإستراتيجية تمَّ عقد ورشة عمل مصغرة لعرضها ومناقشتها في حضور عدد من أساتذة الإعلام بالجامعات المصرية، وبعض ممثلي وسائل الإعلام، وممثلي منظمات المجتمع المدني، وممثلي بعض الوزارات والجهات المعنية بالدولة، وبعض الخبراء من أعضاء اللجنة الاستشارية لإدارة الأزمات والكواث والحدّ من أخطارها. وقد تمَّت مخاطبة بعض الوزارات والجهات المعنية من أعضاء اللجنة القومية لإدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها لدراسة الإستراتيجية وإبداء الرأي بشأنها، وبعد إدارج كافة الملاحظات والمقترحات تمَّ إعداد المسودة النهائية من الإستراتيجية ورفعها إلى السيد رئيس مجلس الوزراء المصري لاعتمادها، وقد وافق معاليه على الإستراتيجية والعمل على تفعيلها والبدء في تنفيذها بالتعاون مع كافة الوزارات والهيئات المعنية.
وبناءً على ذلك فقد تمَّ عقد وتنظيم ورشة عمل تحت عنوان "التوعية المجتمعية ودور المجتمع المدني في نشر ثقافة إدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها" احتفالا بإطلاق الإستراتيجية القومية لرفع الوعي المجتمعي في مجال الحدّ من المخاطر ومواجهة الأزمات والكوارث، وذلك يوم الخميس الموافق 27 مايو 2010 في فندق سميراميس انتركونتننتال – قاعة طيبة.
وقد حضر ورشة العمل عدد كبير من السادة أعضاء اللجنة القومية لإدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها، وممثلي وسائل الإعلام المختلفة المحلية والدولية، وممثلي منظمات المجتمع المدني، وشركاء التنمية من الجهات والمنظمات الدولية المانحة، وممثلي بعض سفارات الدول الأجنبية المانحة.
وتأتي هذه الورشة في سياق الاهتمام بعرض ومناقشة سبل تفعيل الإستراتيجية وتنفيذها بالتعاون بين كافة الشركاء المعنيين، في إطار تكامل لجهود الارتقاء بالمنظومة القومية لإدارة الأزمات والكوارث والحدّ من أخطارها، حيث تم خلال ورشة العمل عرض الإستراتيجية ومراحل إعدادها وطرح النقاش حول سبل تفعيلها والخروج بأهم التوصيات والمقترحات اللازمة لرفع الوعي المجتمعي في هذا الصدد.