النمو السكاني والتوسع الحضري وتضخم المدن وتزايد الفقر لدى قطاعات كبيرة من المجتمع، واستخدام أساليب ونظم غير مناسبة في بناء المنازل والبنية التحتية الأساسية، كل ذلك أدى إلى زيادة ضعف الجهات المعنية في مواجهة الأحداث والأزمات والكوارث المادية والطبيعية, كما يعتبر عدم وجود سجلات منتظمة ومتجانسة تقوم بتوضيح مدى قابلية المدن والدول والأفراد للتضرر وحدوث خسائر بهم من جراء الكوارث هو أحد الجوانب السلبية في مجال الاستعداد ومواجهة الكوارث, ويُذكر أنه كان هناك تصور أن الكوارث هي فقط تلك الأحداث الضخمة ذات الآثار المهولة، مما أدَّى إلى تجاهل الكوارث الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تحدث كل عام في مناطق كبيرة من العالم مثل أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وآسيا وأفريقيا.
وقد اهتمت مؤسسات وباحثون في كثير من البلدان بهذا الموضوع، وكانوا يستخدمون أدوات مختلفة لتنظيم المعلومات المتعلقة بالكوارث، خصوصا نظم قواعد البيانات، أو استخدام ملفات مصممة على أساس معايير معينة أو قطاعية وبأشكال مختلفة، مما أدَّى لجمع كم هائل من المعلومات، دون وجود أدوات أخرى يمكنها إعادة صياغة هذه البيانات والمعلومات في أشكال ورسومات مثل الخرائط والأشكال البيانية, كما أن هذه المعلومات والبيانات تحتاج إلى أدوات تسهل عمليات تصنيفها وتحليلها وربطها بالمعلومات الجغرافية.
ونظرا لوجود هدف مشترك في مناطق وبلدان أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وآسيا وأفريقيا، وهو بناء القدرات على تحليل وتمثيل الأخطار وقابلية التضرر والمخاطر من حيث المكان والزمان، وبأثر رجعي ومستقبلي. بغرض استخدامها في إدارة المخاطر، بدءا من تخفيف الآثار إلى تقديم الرعاية فيما بعد الكوارث والتعافي منها. وبما أن التقييم النوعي والكمي لقابلية التضرر وزيادة المخاطر يتطلب قاعدة سليمة من الوثائق والسجلات - بما في ذلك الكوارث في الماضي والحاضر - لذا فقد قامت منظمة الإستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة لمنظمة الأمم المتحدة بإعداد نظام قاعدة بيانات عن خسائر الكوارث (DesInventar), وقامت بنشر هذا التطبيق وتعميمه في أكبر عدد من الدول النامية، لتجنب حدوث مفاجئة في الكوارث التي من المحتمل أن تصيب هذه الدول.
والغرض من هذا التطبيق هو إعطاء صورة توضيحية كاملة عن الكوارث لوجود علاقة بين المجتمع (ونموه التكنولوجي) وبين الطبيعة بحيث يقوم هذا التطبيق - بعد إدخال البيانات - التي يطلبها بعمل ربط بين الكوارث الناجمة عن العلاقة بين المجتمع، وعملية التنمية، والبيئة.
وإذا ما تحدثنا عن هذا التطبيق بشكل مختصر فهو يسمى (DesInventar) وهو إحدى المنهجيات القليلة الموجودة والتي أثبتت جدواها في بناء قواعد بيانات الكوارث. وهي تتيح تخزين معلومات الكوارث وخسائرها، وتحليلها وتمثيلها في أشكال بيانية وخرائط وبشكل متجانس.
ولقد تم اختبار واستخدام منهجية (DesInventar) على نطاق واسع في أمريكا اللاتينية ومنطقة الكاريبي لبناء قوائم الكوارث لهذه المناطق. وكثير من وكالات الطوارئ الوطنية في هذه المنطقة واستخدمت – وما زالت تستخدم – (DesInventar) كأحد مدخلاتها لتحليل وتخفيف حدة المخاطر، ويستعمل أيضا كوحدة للإنذار المبكر، بالإضافة إلى استخدامها كأداة لمتابعة النجاح, أو تطوير خطط التخفيف والاستعداد للكوارث المختلفة، وقد استخدم هذا التطبيق في الكثير من حالات الكوارث كما في حالتي كارثة إعصار ميتش في هندوراس، وزلازل السلفادور، وقد تحقق نجاح كبير في التنبؤ بالكوارث والحد منها في هذه البلدان.
ولما كان الاستعداد المُسبق والتخطيط الجيد هما أساس التعامل الناجح مع الأزمات والكوارث والحد من مخاطرها, ومن منطلق أهمية دور مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري كأحد المراكز المتميزة ـ محليا وإقليميا وعالميا ـ في مجال إتاحة المعلومات وإعداد الدراسات، للإسهام في دعم اتخاذ القرار في القضايا التنموية والاقتصادية والاجتماعية. وانطلاقا من إيمان المركز بأهمية التخطيط المسبق في إدارة الأزمات والأحداث الطارئة، والحد من الكوارث، وتوفير البيانات والمعلومات التي تسهم في الحدَّ من أخطارها الأحداث الطارئة والكوارث، وضرورة تدعيم وبناء القدرات البشرية في هذا المجال, فقد قام قطاع إدارة الأزمات والكوارث والحد من أخطارها بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار, بعقد ورشة عمل تدريبية على نظام قاعدة بيانات وطنية عن خسائر الكوارث, وبالتعاون مع الإستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة لمنظمة الأمم المتحدة (UNISDR) - والتي عقدت على مدار 5 أيام في الفترة (9 – 13) مايو 2010 - تم فيها تدريب 3 مجموعات من المشاركين من ممثلي المحافظات وبعض الوزارات المعنية.
وتهدف هذه الورشة إلى تدريب المشاركين على مفاهيم الحد من مخاطر الكوارث, وآلية إنشاء قاعدة بيانات وطنية عن خسائر الكوارث, من خلال برنامج (DesInventar), والتدريب على الحلول المقترحة لمواجهة هذه التحديات التي قد تواجه عملية إتمام إعداد المشروع, كما تم التدريب على كيفية استخدام خرائط المخاطر وتوظيفها في مواجهة مخاطر الكوارث, كما تم التدريب على كيفية جمع البيانات وتدقيقها وتصنيفها, وكيفية إدخال البيانات على برنامج (DesInventar), ومن ثم التدريب على التطبيقات المختلفة لبرنامج (DesInventar), والتي تتيح للمستخدمين أدوات متنوعة للتحليل في إطار آلية الحد من مخاطر الكوارث.